فصل: الشَّرْطُ الأول النّصاب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب السَّادِسُ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ:

وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ مُؤثرَةٌ مَشْرُوعَةٌ خِلَافًا ل ح لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» وَمَا كَانَ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بِالسَّوِيَّةِ فَلَوْلَا تَأْثِيرُهَا لَمَا نُهِيَ عَنْهَا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ اجْتِمَاعِهِمَا وَافْتِرَاقِهِمَا فَلَا مَعْنًى لِلنَّهْيِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ الْمَالِكُ الْوَاحِدُ لَهُ أَن يجمع وَيفرق إِجْمَاعًا وَلِأَن الِاخْتِلَاط فيؤثر فِي الْمُؤْنَة فِي الزَّكَاةِ كَالسَّقْيِ فِي الزَّرْعِ وَيَتَّجِهُ الْفِقْهُ فِي حَقِيقَتهَا وشروطها وتراجع أَهلهَا وتعددها واجتماع الِانْفِرَاد مَعَهَا فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهَا:

وَهِيَ ضَمُّ الْمَاشِيَتَيْنِ لِنَوْعٍ مِنَ الرِّفْقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ سِوَى الْمَاشِيَةِ فِي جُمْلَةِ أَنْوَاعِهَا.

.الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي شُرُوطِهَا:

وَهِيَ سِتَّةٌ:

.الشَّرْطُ الأول النّصاب:

وَفِي الْكتاب من نقضت حِصَّتُهُ عَنِ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ نِصَابًا لَنَا أَنَّ النِّصَابَ هُوَ السَّبَبُ وَلَا زَكَاةَ مَعَ عَدَمِ السَّبَبِ وَأَمَّا التَّرَاجُعُ فَلِأَن السَّاعِي حَاكِمٌ أَخَذَهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ إِذَا اتَّصَلَ بِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ وَقَالَ ش إِذَا كَانَ لِأَرْبَعِينَ أَرْبَعُونَ شَاةً زُكُّوا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ تُصَيِّرُ الْأَمْوَالَ كَمَالٍ وَأَخْذُهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَوَائِطِ الْمُحَبَّسَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أنَّمَا نُسَلِّمُهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ النِّصَابِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ يُزَكِّي بِحِسَابِ الْخُلْطَةِ دُونَ نَاقِصِ الْمِلْكِ عَنِ النِّصَابِ كَمَا قَالَ فِي الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَلِلْآخَرِ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ قَالَ الْبَاجِيّ وَيحمل عِنْدِي إِذا قصد السَّاعِي أَحدهَا مِنْهُمَا أَن يرجع عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْجَمِيعُ دُونَ النِّصَابِ فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ إِجْمَاعًا بَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا وَفِي الْكِتَابِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَللْآخر خَمْسُونَ وللثالث شَاة فَأَخذهَا السَّاعِي يرجع عَلَيْهِمَا بِقِيمَتِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَال فليسقط مَا زَاد على قيمَة المجزي إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا بِرِضَاهُمَا وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مائَة وَعشرَة وَللْآخر أحد عشر تَرَاجَعَا قِيمَةَ الشَّاتَيْنِ لِإِدْخَالِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ الْمَضَرَّةَ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ فَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ شَاةٍ أَوْ أَقَلُّ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ تَرَاجَعَا قَالَ سَنَد شَأْن السَّاعِي أَن لَا يَأْخُذ إِلَّا شَاة من الْأَكْثَر دون الْأَحَد عَشْرَةَ فَإِنْ أَخَذَ شَاتَيْنِ فَهُوَ قَوْلُ قَائِلٍ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بالثانيةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَصِفَةُ التَّرَاجُعِ أَنْ يَتَرَاجَعَا عَلَى عَدَدِ غَنَمِهِمَا أُخِذَتَا مِنْهُمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْتَصُّ التَّرَاجُعُ بِالشَّاةِ الثانيةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَرَاجَعَا بِالْقِيمَةِ فَيَوْمَ الْأَخْذِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَوْمَ الْوَفَاءِ عِنْدَ أَشْهَبَ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ كَالْمُسْتَهْلِكِ وَالْمُسْتَسْلِفِ.

.الشَّرْطُ الثَّانِي: الْحَوْلُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا حَالَ حَوْلُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ زَكَّى زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ كَمَا لَوْ كَانَ خَلِيطَهُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ يُزَكِّي زَكَاةَ الخليط فِيمَا بيدَيْهِ وَيسْقط عَن خليطه مَا يتوبه لنا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلَا تُشْتَرَطُ الْخُلْطَةُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ بَلْ آخِرِهِ كَشَهْرَيْنِ أَوْ أَقَلَّ بِيَسِيرٍ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الشَّهْرُ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز يجوز الِاجْتِمَاع والافتراق فِي مَا دُونَ الشَّهْرِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا وَقِيلَ ذَلِك غير مَحْدُود بل يتَجَنَّب مورد النَّهْي هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الِافْتِرَاقُ وَالِاجْتِمَاعُ مُنْقِصًا لِلزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُزَكَّيَانِ عَلَى مَا يُوجَدَانِ عَلَيْهِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يُشْتَرَطُ جَمِيعُ الْحَوْلِ لَنَا أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ وَلِأَنَّهُمَا لَوِ اجْتَمَعَا أَوَّلَهُ وَافْتَرَقَا آخِرَهُ فَلَهُمَا حُكْمُ الِافْتِرَاقِ فَكَذَلِكَ عَكْسُهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ أَصْدَقَ مَاشِيَةً بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا الْمَرْأَةُ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَجِيءِ السَّاعِي ثُمَّ أَتَى وَلَمْ يَقْتَسِمَاهَا أَوْ خَلَطَاهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ زَكَّى زَكَاةَ الْخَلِيطَيْنِ وَقَالَ ش إِنْ لَمْ يَقْتَسِمَا بَنَيَا عَلَى الْحَوْلِ وَإِنِ اقْتَسَمَا اسْتَأْنَفَا الْحَوْلَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ مِلْكُ الزَّوْجِ النِّصْفُ الرَّاجِعُ بِالطَّلَاقِ أَو هُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ تُخَرَّجُ الْفَوَائِدُ فَالْمُخَالِفُ يَرَاهَا لِلزَّوْجَةِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَأْنِفُ الزَّوْجُ الْحَوْلَ فَإِنْ عَادَتْ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ لما للْمَرْأَة من الْقلَّة فَإِن أَتَى قبل الْقِسْمَة وهما غير خليطين قَالَ سَنَدٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النِّيَّة إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي ابْتِدَاءِ الْخُلْطَةِ وَهُمَا بِالطَّلَاقِ شَرِيكَانِ كالورثة وهم خلطا وَإِن لم يقصدوا الْخلطَة.

.الشَّرْط الثَّالِث: قَالَ سَنَدٌ أَهْلِيَّةُ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا:

فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ رَقِيقًا فَلَا خُلْطَةَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ.

.الشَّرْطُ الرَّابِعُ النِّيَّةُ:

قَالَ سَنَدٌ اعْتَبَرَهَا مَالِكٌ لِأَنَّهُ مَعْنًى يُغَيِّرُ مُوجِبَ الْحُكْمِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ كَالِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِحُصُولِ الرِّفْقِ الْمَقْصُودِ وَإِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ.

.الشَّرْطُ الْخَامِسُ اتِّحَادُ نَوْعِ الْمَاشِيَةِ:

فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا غَنَمًا أَوْ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا أَمَّا إِذَا اجْتَمَعَ نَوْعَانِ زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ.

.الشَّرْطُ السَّادِسُ قَالَ سَنَدٌ لَا تُشْتَرَطُ الْخُلْطَةُ فِي جُمْلَةِ أَسْبَابِ الرِّفْقِ:

الَّتِي هِيَ الرَّاعِي وَالْمَسْرَحُ وَالْمُرَاحُ وَالْفَحْلُ وَالْمَبِيتُ وَالدَّلْوُ الَّذِي يُورَدُ بِهِ الْمَاءُ وَالْخِلَافُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لَنَا فِيهِ وَالْمُرَاحُ الَّذِي تَرْجِعُ الْمَاشِيَةُ إِلَيْهِ وَتُجْمَعُ فِيهِ لِلِانْصِرَافِ وَقِيلَ مَوْضِعُ الْإِقَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُ الْجُمْلَةِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَلِحُصُولِ الرِّفْقِ فِي بَعْضِهَا وَقَالَ فِي الْكِتَابِ يَكْفِي بَعْضُهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَوْصَافِ وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ لَا سِيَّمَا فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرَّاعِي وَحْدَهُ كَافٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي تَغْيِيرِ حُكْمِ الْجَمِيعِ وَقَالَ أَيْضًا الرَّاعِي وَالْمَرْعَى لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا يُوجِبُ اجْتِمَاعَ الْفَحْلِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ يَكْفِي أَيُّ صفتين كَانَتَا يُرِيدُ مِنَ الدَّلْوِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ وَالْمُرَاحِ وَالْمَبِيت.

.الْفَصْل الثَّالِث: فِي تراجع الخلطاء:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ تِسْعٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى التَّرَاجُعِ بِالسَّوِيَّةِ وَالْفَرْقُ بَين الوقص هَا هُنَا وَبَيْنَ الِانْفِرَادِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْخُلْطَةَ فِي حُكْمِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَبْعٌ وَلِلْآخَرِ ثَمَانٍ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي الزَّائِدِ قَالَ سَنَدٌ لَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةِ بقر خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ رَجَعَ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ بنت الْمَخَاضِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِخُمْسِ قِيمَتِهَا وَكَذَلِكَ التَّرَاجُعُ فِي الْبَقْرِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ جَامُوسًا وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ بَقَرَةً فَأَخَذَ مُسِنَّةً مِنَ الْجَوَامِيسِ وَتَبِيعًا مِنَ الْبَقَرِ فَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّرَاجُعِ وَيُحْتَمَلُ التَّرَاجُعُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ مِنْهُمَا حِقَّتَيْنِ وَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ فَالْمَشْهُورُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ دفع رَأْسا أَو جزأ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِالرَّأْسِ وَخَيَّرَهُ فِي الْجُزْءِ بَيْنَ نِسْبَتِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى السَّلَفِ وَإِذا قُلْنَا بِالْقيمَةِ فَيوم قبض الْمُتَصَدّق فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي ثَلَاثَ شِيَاهٍ مِنْ مِلْكِ أَحَدِهِمْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ شَاةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخلطَة.

.الْفَصْل الرَّابِع فِي تعدد الْخلطَة:

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خُلِطَ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَمَّ الْحُكْمُ الْجَمِيعَ وَيَتَوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَى نِسْبَةِ أَمْوَالِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ ابْن الْمَوَّاز هُوَ خليط لكل وَاحِد لجَمِيع مَاله وَلَيْسوا خلطاء فيزكي كل وَاحِد مَا يَخُصُّهُ مَعَ جُمْلَةِ مَاشِيَةِ خَلِيطِهِ وَقِيلَ هُوَ خلطائه خَاصَّة وَاحِدٍ بِالَّذِي مَعَهُ دُونَ مَا خَرَجَ فَيُزَكِّي كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ مَعَ خُلَطَائِهِ خَاصَّةً وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِهِ هُوَ فَقِيلَ يُزَكِّي عَلَى ضَمِّ مَالِهِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ وَقِيلَ يُفْرَدُ كُلُّ مَالٍ بِالزَّكَاةِ مَعَ خَلِيطِهِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ اجْتِمَاعُ أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ أَحَدُهُمَا الْخَلِيطُ الْأَوْسَطُ يَجِبُ ضَمُّ مَالِهِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ مَعَ عَدَمِ الْخُلْطَةِ وَالثَّانِي الطَّرَفَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ فَلَا يَجِبُ الضَّمُّ بَيْنَهُمَا فَمَنْ غَلَّبَ حكم الْوَسَطِ وَرَأَى أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يجِبُ ضَمُّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يجِبُ ضَمُّ مِلْكِهِ عَمَّمَ الْحُكْمَ وَمَنْ غَلَّبَ حُكْمَ الطَّرَفَيْنِ أَفْرَدَ حُكْمَ الْوسط فَجعله كمالين لمالكين وَلَمْ يَضُمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْوَسَطَ جَعَلَ الطَّرَفَيْنِ خَلِيطَيْنِ وَالْخَلِيطُ يجِبُ ضَمُّ مَالِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ مَنْ خَلَطَ عَشَرَةً مِنَ الْإِبِلِ بِعَشَرَةٍ وَعَشَرَةً أُخْرَى مَعَ آخَرَ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَجِبُ بِنْتُ مَخَاضٍ على الْوسط نصفهَا وعَلى كل وَاحِد من الطَّرَفَيْنِ رُبْعُهَا وَعَلَى الثَّانِي يجِبُ أَيْضًا عَلَى الْوسط نصفهَا وعَلى كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ عَلَى الْوَسَطِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرفَيْنِ شَاتَان وعَلى الرَّابِع يجب فِي الْجمع ثَمَان شِيَاهٍ عَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعٌ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ شَاتَانِ فَرْعٌ إِذَا وَجَبَتْ حِصَّةٌ من شَاة أَو غَيرهَا أخذت الْقِيمَةُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا وَقِيلَ يَأْتِي بِهَا فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا.

.الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي اجْتِمَاعِ الْخُلْطَةِ وَالِانْفِرَادُ:

فِي الْكِتَابِ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِخَلِيطِهِ أَرْبَعُونَ وَلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدَةً ضَمَّهَا إِلَى الْخُلْطَةِ وَأَخَذَ السَّاعِي مِنَ الْجَمِيعِ شَاةً عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا وَوَافَقَنَا ش وح ضَمِّ غَنَمِ الْبَلَدَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ كُلُّ مَالٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ ببلدين فَلَا زَكَاة لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ»
وَحَمَلَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَا يُنْقِصُ الزَّكَاةَ بِاعْتِبَارِ الْخُلْطَةِ فَقَط جمعا بَينه وَبَين قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ شَاةٌ» وَلِأَنَّهُ غَنِي بالأموال فِي الْبلدَانِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَقِيَاسًا عَلَى النَّقْدَيْنِ وَقَدْ سَلَّمَهُمَا قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْجَمِيعِ فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ يَخْرُجُ مِنَ الْخِلَافِ فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ وَوَافَقَ ش مَالِكًا فِي ضَمِّ الْمُنْفَرِدِ إِلَى الْمُخْتَلِطِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُضَمُّ لِعَدَمِ الِارْتِفَاقِ فِي الْمُنْفَرِدِ وَالْمَذْهَبُ يَنْظُرُ إِلَى الإرنفاق فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْمَالِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالضَّمِّ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَقَصَ لَا شَيْءَ فِيهِ تَكُونُ الشَّاةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي وَقَصِ الْخُلْطَةِ تَكُونُ أَثْلَاثًا وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الضَّمِّ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْمُنْفَرِدَ إِلَى مَا خَالَطَ بِهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَا شَاةٍ نَظَرًا لِلْخُلْطَةِ فِي حِصَّة الْملك وَعَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ شَاةٍ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْلِطْ إِلَّا أَرْبَعِينَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُون على الْأَرْبَعين نصف شَاة وعَلى الثَّمَانِينَ شَاة وَسبب الِاخْتِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَثَرِ الْخُلْطَةِ فَالْأَوَّلُ اعْتَبَرَهَا فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَالثاني اعْتَبَرَهَا فِي حَقِّ الْأَرْبَعين فِيمَا خالط بِهِ خَاصَّةً وَفِي الثَّالِثِ اعْتَبَرَ الْقَدْرَ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ فِيهِ الْخُلْطَةُ فَقَطْ وَلَوْ خَلَطَ عَشْرَةً مِنَ الْإِبِلِ بِعِشْرَةٍ لِغَيْرِهِ وَبَقِيَتْ لَهُ عَشْرَةٌ أُخْرَى مُنْفَرِدَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ عَلَيْهِمَا بنت مَخَاض أَثلَاثًا وعَلى الثَّانِي يكون عَلَى صَاحِبِ الْعَشْرَةِ شَاتَانِ وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ ثُلُثَا بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِالْغَنَمِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ خَالَطَ بِدُونِ النِّصَابِ مَنْ لَهُ نِصَابٌ وَلَهُ مَالٌ مُنْفَرِدٌ يُكْمِلُ النِّصَابَ ضَمَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ خَالَطَ بِهَا عِشْرِينَ وَلَهُ عِشْرُونَ مُنْفَرِدَةً فَالْمَأْخُوذُ عَلَى صَاحِبِ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْآخَرَ لم يضرّهُ.

.الباب السَّابِعُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ:

وَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ:
أَدَاؤُهَا فِي وَقْتِهَا وَالتَّعْجِيلُ وَالتَّأْخِيرُ.

.الْحَالَةُ الْأُولَى: الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ يجِبُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ الصَّارِفِ لَهَا فِي وُجُوهِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} التَّوْبَة 103 وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْنَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَقِيلَ لِأَرْبَابِ النَّاضِّ تَفْرِيقُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَالْأَصْلُ مُبَاشَرَةُ الْقُرْبِ وَلَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم} عُمُوم بل لفظ صَدَقَة مُطلق يَكْفِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ.
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكتاب يسْأَل الإِمَام النَّاس على الناض وَإِن لَمْ يَتَّجِرُوا وَلَا يَبْعَثُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا بَلْ يَكْتَفِي بِأَمَانَةِ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْإِمَامُ الْعَدْلُ مَنْعَهَا فَيَأْخُذُهَا كُرْهًا وَمَنْ تَجِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَزَكَاةٌ وَاحِدَة فِي الْعَام بِخِلَاف الذِّمَّة فِي الْعشْر وَلَا تقوم على تجار الْمُسلمين وَلَا الذِّمَّةُ أَمْتِعَتُهُمْ بَلْ إِذَا بَاعُوا أَدُّوا وَمَنِ ادَّعَى قِرَاضًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَدَمَ الْحَوْلِ صُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَرَّقَهَا رَبُّهَا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ أَجْزَأَتْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَهُ فَأَقَامَ عَلَى إِيصَالِهَا إِلَى رَبِّهَا بَيِّنَةً وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنْ طَلَبَهُ الْإِمَامُ الْعَدْلُ غَرَّمَهَا وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَة قَالَ ملك وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ إِنْ كَانَ صَالِحًا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا فَلَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ لَيْلًا تَضِيعَ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا قَالَ أَشْهَبُ إِنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِ الْعَدْلِ مَعَ إِمْكَانِ إخفائها لم تُجزئه إِلَّا أَن يكرههُ فلعلها تُجزئ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَخَذَهَا الْجَائِرُ أَوْ عِوَضًا مِنْهَا وَهُوَ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا أَجْزَأَتْ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ طَوْعًا وَلَا كَرْهًا صَدَقَةً وَلَا عوضهَا قَالَ أصْبع وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ دَفَعَهَا طَوْعًا إِلَيْهِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ.
تَمْهِيدٌ:
اجْتَمَعَ فِي الزَّكَاةِ شِبْهُ الْوَدِيعَةِ وَدَفْعُ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِ رَبِّهَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلَّا مَعَ الْإِكْرَاهِ وَشِبْهُ الدَّيْنِ وَالنَّصِيبُ الْمُشْتَرَكُ وَإِذَا دَفَعَهَا لِوُكَلَاءِ مُسْتَحِقِّيهَا وَالْوَكِيلُ فَاسِقٌ أَبْرَأَ الدَّافِعَ وَالْإِمَامُ أَقَامَهُ الشَّرْعُ وَكِيلًا لِلْفُقَرَاءِ قَالَ فَلَو كتم مَاله فحلله الْجَائِرُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَحْلِفُ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَحْلِفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُ قَالَ أَشْهَبُ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْخَوَارِجِ نَافِذَةٌ وَإِلَّا فَسَدَتْ أَنْكِحَةُ النَّاسِ وَمُعَامَلَاتُهُمْ وَذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَلَا يَنْقُضُ إِلَّا الْجَوْرُ قَالَ وَالنَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ يقبل قَوْلُهُ وَمَعْرُوفٌ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ يَبْحَثُ الْإِمَامُ عَنْهُ وَقَالَ ح إِذَا مَنَعَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ مَالِهِ لَكِنْ يَلْجَأُ إِلَى دَفْعِهَا بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ لِافْتِقَارِهَا إِلَى النِّيَّةِ لَنَا فِعْلُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الزَّرْعِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَإِنَّهَا إِنَّمَا اشْتُرِطَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ تَبَعٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ فَإِذَا مَنَعَ الْمَتْبُوعَ لَا يَسْقُطُ لِتَعَذُّرِ التَّابِعِ أَوْ نَقُولُ نِيَّةُ الْإِمَامِ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَكْثَرُ مِنَ الزَّكَاةِ وَقَالَ ش يُؤْخَذُ شَطْرُ مَالِهِمْ عُقُوبَةً لَهُم لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَن منعهَا فَإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مَاله جَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتِ النُّفُوس تشح بِالزَّكَاةِ وَلقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ وَهُوَ مَعْرُوفُ الْمَالِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَهُ سَجْنُهُ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ.
الثَّالِثُ: مَجْهُولُ الْحَالِ فَإِنِ ادَّعَى دَفْعَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَإِنِ ادَّعَى عَدَمَ النِّصَابِ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
الثَّانِي:
قَالَ النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّة لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ إِلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَحِكْمَةُ إِيجَابِ النِّيَّةِ إِنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ وَتَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فَتَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ لِتَمْيِيزِهَا عَنِ الْهِبَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالتَّطَوُّعَاتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْوِي وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا تَفْتَقِرُ الزَّكَاةُ إِلَى النِّيَّةِ قِيَاسا على الدُّيُون ولإجزائها بِالْإِكْرَاهِ وَعَمَّنْ لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ النِّيَّةُ كَالْمَجْنُونِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ يَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ قَالَ سَنَدٌ وَيَنْوِي الْمُزَكِّي إِخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَجْزَأهُ وَتَجِبُ بِالتَّعْيِينِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ عَزْلِهَا أَجْزَأَتْ إِذَا عَيَّنَهَا وَإِذَا عَيَّنَهَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَى نِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا وَعَزَلَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَجَبَتِ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ صُورَةُ الدَّفْعِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ دَفْعِ الْوَدَائِعِ وَالدُّيُونِ وَغَيْرِهَا وَجَوَّزَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ تَقْدِيمَ نِيَّتهَا عَلَيْهَا من غير اسْتِصْحَاب قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى أَصْلِهِمْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ وَكَيْلَهُ بِإِخْرَاجِهَا فَلَوْ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا لَكَانَ تَغْرِيرًا بِالْمَالِ وَنَحْنُ نُضَمِّنُ الْوَكِيلَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا ضَرَرَ وَيَنْقُضُ عَلَيْهِمْ بِالنِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ مَعَ افْتِقَارِهِ إِلَى نِيَّةٍ تُقَارِنُهُ.
الثَّالِثُ:
قَالَ لَو تصدق بجملة مَاله وَنوى زَكَاته وَمَا زَادَ تَطَوُّعٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِ ح مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَمْ يَبْعِدْ عَنِ الْمَقْصُودِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِمَا لَوْ صَلَّى أَلْفَ رَكْعَة يَنْوِي بهَا اثْنَتَيْنِ لِلصُّبْحِ وَالْبَقِيَّةَ لِلنَّفْلِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ.